العمارة الكرتونية

تضخ مصانع الأسمنت في ارجاء المملكة تلك المادة التي تؤسس مساكننا، ومع اضافة الحديد اليها تصبح المادة خرسانة مسلحة لا يمكن ازالتها إلا بآلات ومعدات ثقيلة، ولذا فإننا ندفع الثمن مضاعفاً في البناء والهدم.

ان ثورة المعلومات اكسبتنا ثقافة تعتمد جل اعتمادها على التطور السريع في كل شيء ولذا تصبح مقتنياتنا التي لدينا بالأمس القريب موغلة في القدم. هل يستخدم أحد منا اليوم جهاز 486 فضلاً عن جهاز XT ليعمل عليه، انك تبتسم حين تسمع من يقول ان رغبته في اقتناء جهاز حاسب يعمر معه طويلاً، ربما كان هذا هدف للشركات الصانعة ولكنه ايضاً يصب في صالح المستخدم حيث الفرق واضح بين العمل على النوافد اوا لدوس.

ولذا اجد اننا حين نعتمد الخرسانة في مساكننا فإننا كمن يعمل على نظام الدوس القديم ولا يرغب الانتقال عنه البتة مع العيوب التي اشرت اليها من ان الخرسانة تكون حجر عثرة على تطوير المسكن من الداخل والخارج لثقلها وصعوبة بنائها وهدمها.

وقد يكون من الصعب ان يقبل المرء الاستمرار في العمارة الخرسانية التي شوهت احياءنا بكتل خرسانية مهولة ونظام انشائي معقد وحوائط تتكسر معها آلاف الاسنان لأجهزة الحفر.

وحين ننظر الى البدائل الموجودة نرى عدة انظمة للبناء متنوعة واقل تكلفة من الخرسانة واسهل في البناء والهدم، ولذا فإني رغبت في عنوان المقال ان اضع الاتجاه المعاكس لعمارة الخرسانة من زاوية البناء والهدم. وحين وضعت العمارة الكرتونية فإني على علم ان احدنا لا يرغب في ان يسكن داخل كراتين ولكن من تلك المادة يمكن اضافتها الى الجبس لتكون الالواح الجبسية التي نصنع منها حوائط تفصل بين الغرف وبغلاف خفيف لسقف المسكن ونظم تقنية للحماية والتحكم يصبح لدينا مسكن خفيف لطيف يمكن تحريك حوائطه بسهولة وليس هذا فحسب بل يمكن نقله بالكامل الى مكان آخر. وليقف الشاعر امام مكانه الاول فيقول:

هل غادر الشعراء من متردم ام هل عرفت الدار بعد توهم

دار لآنسة غضيض طرفها طوع العنان لذيذة المتبسم